كريمي:تحكم الدولة في الإعلام بدأ بمنع حزب الاستقلال من إطلاق إذاعة

KONICA MINOLTA DIGITAL CAMERA

 

 هل يعتبر الإعلام السمعي البصري بالمغرب موضوعا لصراع سياسي؟
الإعلام كان دائما واجهة من واجهات الصراع بين الدولة المغربية والمعارضة السياسية، بل كل المكونات الحزبية بشكل عام. وحتى لا نذهب بعيدا، وفقط منذ الاستقلال، دار صراع كبير خاصة مع حزب الاستقلال حول الحقل الإعلامي، باعتباره كان يسعى إلى تأسيس إذاعة خاصة به. والقانون الذي صدر عام 1959، قنّن هذا المجال لأول مرة في عهد الاستقلال بعد قانوني 1924 و1949 اللذين صدرا في عهد الحماية. القانون الجديد لم يقم سوى بتكريس الاحتكار الذي انطلق منذ عهد الحماية، وجعل المجال الإعلامي السمعي البصري حكرا على الدولة.
 لماذا برأيك برز هذا الحرص المبكّر على احتكار المجال السمعي البصري؟
لأن الدولة اعتبرته قطارا خاصا بها يُصرّف إيديولوجيتها، ومن ثم اعتبرت أن تركه في يد الخواص أو الأحزاب السياسية، يعني أن هذا القطار سيستخدم ضدّها. قانون 1959 كرّس هذا الاحتكار رغم احتفاظه بالاستثناءات التي نصّت عليها القوانين السابقة، لكنّه منع بالدرجة الأولى تأسيس أي إذاعة أو تلفزيون إلا من طرف الدولة. وما يجب أن نتذكّره هو أن فكرة الاحتكار هذه كانت سابقة حتى على الحماية نفسها، حيث صدر قانون في 1907 نصّ على منع امتلاك وسائل الاتصال اللاسلكي من طرف الخواص. منع كان مبرّره يتمثّل في محاولة الحيلولة دون امتلاك القوى الأجنبية ذات الاطماع الاستعمارية في المغرب من إطلاق إذاعات خاصة بها، وهو بالفعل ما كانت تسعى إليه كل من ألمانيا وفرنسا.
 لكن المغرب سيعرف استثناءات في عهد الملك الحسن الثاني، أبرزها تأسيس القناة الثانية بشراكة مع القطاع الخاص؟
في تقديري، عندما ظهرت القناة الثانية كانت بمثابة نقلة نوعية في تلك المرحلة التاريخية، وأتاحت حرية كبيرة في التعبير، خاصة أن مرحلة تأسيسها كانت تتسم بقمع حرية التعبير ووجود قناة تلفزيونية واحدة. أي أن ظهور هذه القناة كان شيئا جديدا أتاح هامشا كبيرا أمام المجتمع، خاصة من خلال بعض البرامج الشهيرة للنقاش، ولعبت بذلك هذه القناة دورا كبيرا في ما يسمى بمرحلة الانفتاح التي نهجها الملك الراحل الحسن الثاني، وانعكاسات النظام العالمي الجديد لما بعد انهيار المعسكر الشرقي، وشكّلت بذلك هذه القناة جزيرة مغربية وسط بلقنة إعلامية عالمية متنامية.
 وهل نجحت القناة في تحقيق أهدافها؟
للأسف سرعان ما بدأ وهج القناة في الخفوت تدريجيا، ولم تلعب في بدايات الألفية الثالثة ما يعرف إعلاميا بـ«العهد الجديد» الدور نفسه، الذي لعبته في بداية التسعينيات في عهد الحسن الثاني، وبدأ الضعف يذب في أوصالها شيئا فشيئا، باستثناء بعض البرامج مثل «في الواجهة» الذي كانت تقدمه مليكة ملاك، وهذا الضعف تزايد في المرحلة الأخيرة، حيث تحوّلت إلى قناة عادية، ولست أدري ما إن كانت بعض نقاط الضوء التي تظهر حاليا، بداية لاستعادة القناة لوهجها السابق.
* علي كريمي: أستاذ متخصص في قوانين الإعلام بالمعهد العالي للإعلام والاتصال



from اليوم 24 http://ift.tt/1FAuX06
via IFTTT

مقالات ذات صلة

Previous
Next Post »