نظم المركز المغربي للدراسات والأبحاث في وسائل الاتصال والإعلام بشراكة مع جامعة عبد المالك السعدي بتطوان دورة تكوينية لفائدة ممثلي الصحافة الرقمية. وتندرج هذه الدورة حسب رئيس المركز ذ. عبد السلام الأندلسي في إطار الرفع من كفاءات العاملين بالحقل الإعلامي، والرقي بالأداء الصحفي، حتى يتمكن الصحفي من ممارست مهنته بنوع من الأمانة والمصداقية والحرص على تنوير الرأي العام بكامل المسؤولية. لا سيما وأن هذه المهنة تفشت فيها بعض المظاهر السلبية من قبيل التركيز على تشويه الجانب الشخصي للأفراد مع ما يرافق ذلك من تشهير وسب وقذف، ونشر للمعلومات المبنية على الإشاعة لا على المصدر الموثوق.مؤكدا أن الصحفي الملتزم بأداء رسالته يجب أن يتحلى بمواثيق شرف المهنة كما هي منصوص عليها دوليا ووطنيا.
وفي نفس الاتجاه أكد ذ. الطيب بوتبقالت، الذي ألقى عرضا خلال هذا اليوم الدراسي، حيث أكد أن الصحفي أصبح يقوم بدور خطير، لا سيما بعد أن أصبح شخصية عمومية لها وزنها، نظرا لكونها تساهم في تعبئة شرائح واسعة من المجتمع، وتفضح كل مؤشرات وعناصر الفساد، ومن ثم تحول الصحفي من ناقل للخبر والمعلومة إلى مصلح اجتماعي، مهمته الرئيسية هي تنوير الرأي العام وليس تضليله بتسريب الأكاذيب مقابل غلاف مالي.
وأوصى بوتبقالت الصحفيين بضرورة التأني في التعامل مع المعلومة وعدم الإسراع بنشرها من أجل تحقيق السبق الصحفي، لأن المجتمع أصبح الآن بحاجة إلى صحافة استقصائية تحاول البحث علن الحقيقة كاملة غير مبتورة ولا ناقصة.
ذ. عبد القادر الخراز سلط الضوء خلال هذا اليوم الدراسي على تاريخ الصحافة بشمال المغرب، معتبرا أن أول ظهور لها كان بمدينة سبتة سنة 1820، حيث كان الهدف الرئيس لها هو تهييء المغاربة لتقبل فرض الهيمنة الاستعمارية عليهم وتحبيبها إلى نفوسهم باعتبارهم هي المنقذ الذي لا غنى عنه لمعالجة المشاكل التي كان يتخبط فيها المغرب خلال تلك المرحلة العصيبة من تاريخه.
وكانت ثاني صحيفة بشمال المغرب ـ يقول ذ. الخراز ـ قد ظهرت مرة أخرى بمدينة سبتة سنة 1860 من أجل تغطية حرب تطوان، وما رافقها من اقتحام للجيوش الإسبانية إلى هذه المدينة.
بعد ذلك ستظهر بمدينة طنجة ما بين 1904 و 1912 جريدة "السعادة" والتي كانت بدوره تهيء لدخول الاستعمار إلى المغرب.
وخلال فترة الحماية ستصدر بمدينة تطوان أول صحيفة وهي مجلة "الإصلاح" التي قام بإصدارها المجلس العلمي، وكانت مضامينها تصب في قالب الإصلاح، حيث كان يساهم في تحريرها ثلة من بعض رموز الحركة الوطنية آنذاك. إلا أن هذه المجلة سرعان ما ستتحول إلى جريدة، وسيتم استخدامها لخدمة الأهداف الاستعمارية، حيث ستتخصص في تغطية أخبار اندحار المقاومة المسلحة التي اندلعت في شمال المغرب ولا سيما في منطقة الريف، ليتم إقفالها بمجرد القضاء على آخر جيوب المقاومة سنة 1927.
وبعد هذه الفترة ـ يستطرد ذ. الخراز ـ ستظهر مجلة "الاتحاد" التي ستقوم بتغطية أنشطة سلطات الحماية. إلا أنه مع وصول الاشتراكيين إلى الحكم في إسبانيا سنة 1931 ستسلم سلطات الحماية أول ترخيص لإصدار صحيفة وطنية محضة هي مجلة "السلام" التي كان يديرها الفقيه محمد داود التي صدرت منها عشرة أعداد، وتعتبر وثيقة تاريخية مهمة تؤرخ للحركة الوطنية في شمال المغرب وجنوبه.
بعدها سيقوم التهامي الوزاني سنة 1936 بإصدار جريدة "الريف" التي ستكون لسان حال حزب الإصلاح الوطني إلى أن تأسست جريدة "الحياة".
بعد هذا العرض سيقوم ذ. محمد الحبيب الخراز بتقديم عرض حول موضوع "المقاربة بين الحرية الصحافية والمسؤولية القانونية" حيث أثار ما تعانيه الصحافة الرقمية من تزييف للحقائق، وسيادة المقالات التي يطغى عليها السب والقذف والتشهير، ومن ثم كان من الضروري إدخال هذا الوافد الجديد في عالم الإعلام والتواصل إلى مدونة قانون الصحافة بكيفية تكفل حريته واستقلاله ودعمه من جهة، وكذا حماية الأغيار من الانحرافات والانزلاقات التي تمس قدسية الأمانة الصحفية من جهة أخرى.
عقب ذلك قام ذ. رشيد برهون بتقديم عرض حول "اللغة والصحافة" حيث أوضح أن اللغة كما يقول "رولان بارث" هي "التي تقولنا، وتجعلنا نتكلم، وتفرض قوالبها وبنياتها" إنها لغة قاسية، فهي ليست مجرد خزان للمعاني، بقدر ما هي رؤية للعالم، لذلك فإن الصحافي حينما يتلقى الأخبار فعليه أن يتحرى في انتقاء المفردات والمصطلحات، لأن اللغة حمالة لأوجه ودلالات مختلفة، لأن الصحافي حينما يعنت حركة سياسية معينة بأنها حركة ثورية فإنها تفيد دلالة مختلفة إذا وصفها بالحركة التمردية، وإذا أطلق على عملية معينة بأنها "استشهادية" فإن الدلالة ستختلف إذا تم نعتها ب"الانتحارية". حيث إن كل مصطلح يستعمله الصحافي يعبر عن موقف سياسي أو خلفية إيديولوجية، ومن ثم فإن هذا الأخير عليه أن يحاول الالتزام بأكبر قدر من الموضوعية عن طريق استخدام ما يصطلح عليه بالدرجة الصفر للكتابة أو الكتابة البيضاء، التي ليس فيها حضور للذات.
وكان آخر متدخل في هذه الدورة التكوينية هو ذ. أحمد درداري الذي قدم عرضا حول "الضوابط القانونية لمهنة الصحافة" حيث أوضح أن الإعلام يعتبر سلطة سلاحه الكتابة ورصاصته الكلمة، وهذه الرصاصة إذا أسيء استخدامها فإنها ستصيب ضحايا أبرياء.
وبعد أن استعرض ذ. درداري مجموعة من المواثيق الدولية التي تفرض حرية التعبير وتكرس أخلاقيات المهنة، أشار إلى أهم البنود التي أتى بها دستور 2011 التي تكفل حرية التعبير والحق في الحصول والوصول إلى المعلومة، ثم سينهي مداخلته بتسليط الضوء على أهم البنود التشريعية التي تنظم مهنة الصحافة بداية من الإصدار وانتهاء إلى العقوبات الزجرية.
واختتمت هذه الدورة التكوينية بدرس تطبيقي قام بتأطيره ذ. عبد السلام الأندلسي ركز فيها أساسا على أهداف مهنة الصحافة، ونوعية المصادر الصحفية، وأنواع الأجناس الصحفية، وتمرين حول أهم الأخطاء الشاسعة في الكتابة الصحفية.
أ ن ب " أخبار الشمال
from جريدة إلكترونية أخبار الشمال مغربية : الأخبار http://ift.tt/1mEdMIn
via IFTTT